نصائح للعلاقات العامة حول الاتصالات في الأزمات

تشكل إدارة أزمات الاتصالات جزءًا أساسيًا من مهمة العلاقات العامة. وما دام الانسان يقترف الأخطاء، لا شك في أن الأزمات طارئة لا محالة، وسنحتاج إلى التغلب عليها من أجل المضي قدمًا.

لقد غيرت منصات التواصل الاجتماعي دور العلاقات العامة في الأزمات بأوجه كثيرة. فليس أسهل من اقتراف الأخطاء على وسائل التواصل الاجتماعي نتيجة النشر الفوري للمضمون أو الخبر. فضلًا عن ذلك، تسّهل وسائل التواصل الاجتماعي عملية انتشار الأزمة بسرعة فائقة. فعلى سبيل المثال، ترى تغريدة ضالة تنتقل مثل النار في الهشيم من “دي موين” الأميركية إلى دبي الإماراتية.

وبما أن غالبية تلك الأزمات تحدث على منصات التواصل الاجتماعي، فمن الضروري في كثير من الأحيان (ولكن ليس دائمًا!) معالجتها هناك أيضًا.

في ما يلي بعض النصائح التي يجب على متخصصي العلاقات العامة أخذها في الاعتبار عند وقوع أزمة ما.

ادرس منصاتك:

وهذا لا يعني معرفة كيفية نشر المحتوى على أي منصة اجتماعية معينة، أو متى يفترض القيام بذلك، بل يتعدى هذا الأمر ليتناول معرفة طبيعة جمهور المنصة. فإذا نشأت أزمة لعلامة تجارية معينة على تطبيق “فيسبوك”، ما هي الفئة العمرية التي من المرجح أن تراها أولاً؟ وماذا عن تطبيق “تيك توك” أو “انستغرام” ؟ و”تويتر”؟ بالطبع، منصات التواصل الاجتماعي ليست حكرًا على فئة عمرية واحدة دون سواها، ويمكن لأزمة العلامة التجارية أن تنتشر من منصة إلى أخرى. ولكن الأهم يبقى في معرفة الجماهير التي “تشعر بالراحة” حيال منصة معينة وتفهمها.

واكب الاتجاهات:

انطلاقًا من المواضيع الشائعة وصولًا إلى فهم ما ينبغي نشره، لا شك في أن البقاء على اطلاع على الأحداث الراهنة هو الأساس. وهذا يعادل أن تكون على دراية بآراء جمهور وسائل التواصل الاجتماعية ومواقفه، وهذه ميزة يجب أن يتمتع بها كل منسق اتصال.

ضع خطة للأزمات:

قد يبدو الأمر بسيطًا، وهو بالفعل كذلك. ولكن أظهر استطلاع حديث أجرته شركة “كابتيرا” للمطابقة عبر الإنترنت أن حوالى نصف الشركات التي تم استطلاعها لم تضع خطة رسمية للاتصالات في حالات الأزمات، بينما لدى أكثر من ربعها خطة قائمة “غير رسمية”. (لا أعرف بالتحديد ما هي الخطة غير الرسمية، ولكنها قد تعني “لقد قمنا بتدريب المدير التنفيذي ومسؤول العلاقات العامة على وسائل الإعلام” أو شيء من هذا القبيل.)

سواء أكان الأمر يعود إلى اعتقاد الشركات أنها لن تواجه أزمة أو أن التخطيط للأزمات يستغرق وقتًا ولا يتوفر إلا في الحالات الطارئة، فإن الكثير من الشركات على ما يبدو غير مبالية في وضع خطة. وهذا أمر خاطئ. فآخر ما تريده في خضم أزمة هو التعامل مع التفاصيل الدقيقة مثل من سيجلس أمام الكاميرا، ومن سيترأس فريق الاستجابة الخاص بك. وبالتالي‘ فإن وضع خطة رسمية سيوفر لك الوقت عند حدوث الأزمة ويحول دون تفاقمها.

يجب أن تحتوي الخطط على مكون اجتماعي:

في هذا العصر، قد يبدو الأمر لك غريبًا، ولكن بصرف النظر عن طبيعة عملك، فإن إضافة مكون اجتماعي في خطة الأزمة الخاصة بك يشكل ضرورة حتمية. ويختلف مدى تضمين وسائل التواصل الاجتماعي في خطة الأزمة من شركة إلى أخرى، وقد يعتمد ذلك على تفاصيل الأزمة، ولكنه لا يزال يشكل جزءًا مهمًا.

اعتمد خطة بك لمواجهة الأزمة:

عند وقوع أزمة ما، اعتمد خطة خاصة بك لمواجهة الأزمة. قد يبدو الأمر بديهيًا، ولكن لدى حدوث الأزمة، ولا سيما إذا كانت الأزمة غير المتوقعة، يغفل الناس التخطيط الدقيق الذي وُضع مسبقًا. وينطبق ذلك بشكل خاص على الأزمات الثانوية، تلك التي يعود سببها إلى مشكلات صغيرة تتفاقم اذا لم تتم مواجتها بفعالية.

حدد جمهورك:

تختلف الأزمات من حيث الشدة والمدة والخطورة وغيرها من العوامل. يكمن أحد جوانب الأزمة المثير للدهشة في إدراك أن الجمهور المستهدف لمنتجات العلامة التجارية أو خدماتها قد لا يكون دائمًا الجمهور المستهدف عينه في الاتصالات في حالات الأزمات، بالإضافة إلى أن العلامة التجارية قد تحتاج إلى مراعاة جماهير عدّة ومختلفة في الوقت الذي تتعرض فيه إلى أزمة ما.

ارصد وسائل الإعلام:

تشكل عملية رصد الوسائل الإعلامية في حالات الأزمات، سواء التقليدية منها أو الاجتماعية، أمرًا مفروغًا منه. وينطبق ذلك أيضًا على الشركات الأقل تفاعلًا على منصات التواصل الاجتماعي. وقد تساعد عملية رصدك الإلكترونية في اتخاذ القرارات بشأن الأزمة، على سبيل المثال، ما هي الرسائل التي تجذب والتي لا تجذب الانتباه وتلك التي لا تلفت أي نظر، وما هي الجوانب الأكثر تأثرًا بالأزمة. ويمكن معرفة بداية تلاشي الأزمة عبر تتبع مؤشري الحجم والنبرة.

فكر ثم تصرف:

قد تورط التعليقات المفاجئة الشركات في مشاكل لا تحمد عقباها. فمن الصعب، في خضم الأزمة، أن تحافظ على رباطة جأشك وتتأنى في قراراتك بينما تخرج الأمور عن السيطرة. قم بمراجعة البيانات في خطة الأزمة الخاصة بك وتحديثها للاستجابة للأزمة التي تواجهها. وتفرّغ لمراجعة الملاحظات والبيانات الصحفية وأي رسالة هامة. كن إنسانًا، كن متعاطفًا، ولكن لا تنحرف عن رسالتك.

مثال حديث – أزمة تيك توك تتجلى في مستويات وجبهات عدة

ظهر تيك توك كالمنصة الاجتماعية المفضلة لجيل الزد. ويتعدى عدد مستخدميه المليار مستخدم حول العالم، مع أكثر من 100 مليون مستخدم منتظم فقط في الولايات المتحدة. ولكن مع تزايد شعبية المنصة، تزايدت أيضًا الانتقادات الموجهة إليه.

إلى جانب اتهام تيك توك بتقديم محتوى ضار للمراهقين الأصغر سنًا، تعتبر المنصة أحد الأسباب الرئيسة لأزمة الصحة النفسية لدى الشباب، عدا عن تسببها بالإدمان. هذا وقد اتهم عدد من المشرعين الأمريكيين المنصة على أنها تهدد الأمن القومي.

عملت منصة تيك توك على تقديم عدد من الأدوات والإجراءات والضوابط من أجل معالجة بعض المخاوف المتعلقة بالمحتوى. وحددت المنصة مدة الاستخدام للمستخدمين الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا بساعة واحدة فقط في اليوم، وتم توسيع نطاق الرقابة الأبوية للحسابات.

لكن تهمة الخطر الأمني التي تواجهها تيك توك باتت تشكل تحديًا من نوع آخر للشركة. ففي شهر مارس، أدلى الرئيس التنفيذي شو زي تشيو بشهادته أمام لجنة الطاقة والتجارة في مجلس النواب الأمريكي، حيث استجوبه المشرعون الأمركيون بشراسة حول جمع البيانات واستخدام التطبيق، وإلى أي مدى تتفاعل الشركة الأم، بايت دانس، مع الحكومة الصينية.

والأمر المثير للاهتمام في هاتين الحالتين هو أنهما تمثلان أزمة لعلامة تيك توك التجارية، ولكن يقف المستخدمون الأساسيون للعلامة التجارية إلى جانب الشركة. وخلال جلسة الاستماع في الكونغرس وبعدها، انهال المستخدمون على تيك توك بوابل من السخرية من أعضاء الكونغرس. واستهزأ كثيرون من مبتدعي المحتوى بالدعوات لحظر التطبيق. إن كان يدل ذلك على شيء، فهو يشكل مثالًا صارخًا على أزمة تعترض علامة تجارية، حيث يختلف الجمهور الأساسي للاتصالات في حالت الأزمات عن مجموعة المستخدمين الأساسيين.

إِذاً، من المثير للاهتمام أن الجزء الرئيسي من خطة استجابة تيك توك للأزمة هو تقليدي بعض الشيء، اذ وظفت الشركة عددًا من الشخصيات العالية النفوذ للمساعدة في التعامل مع الكونغرس. وهكذا، تم توظيف زينيا موتشا، رئيسة الاتصالات السابقة في شركة والت ديزني، وديفيد بلوف وجيم ميسينا، اللذين عملا في حملات الرئيس أوباما عامي 2008 و2012 على التوالي، لمساعدة تيك توك في حل مشكلاتها القانونية وتلك التي نشأت مؤخرًا مع الكونغرس.

العبرة؟ الاستجابة بفعالية، أي التوجه إلى الجمهور الصحيح في خلال الأزمة.

تحدث مع أحد مستشارينا ذوي الخبرة حول الرصد الإعلامي والاتصالات الخاصة بك اليوم.